قصص وروايات

رواية الأخوة كارامازوف كاملة 4 أجزاء دوستويفسكى

رواية الأخوة كارامازوف كاملة

بقلم الكاتب والأديب والرائد في الأدب العالمي و الروسي

التعريف بالكاتب ” دوستويفسكي “

أحدُ أشهر أدباء و كُتَّابُ الأدب الروسي والأدب العالمي، نال من الجوائز والألقاب ما لم يَنلَ أحداً في عصره، وله من الحكم و الرويات الصوتية كثيراً.. إليكم حياة دوستويفسكي ومايخصُّه.

حياة فيدور دوستويفسكي

وُلِدَ في موسكو العاصمة الروسية في الحادي عشر من شهر نوفمبر في العام الواحد والعشرون بعد الثمانِيةُ مائة بعد الألفيةُ الأولى الميلادية (1821)؛ اعتادت مربيته “إلينا” أن تقص عليه الأساطيرُ القديمة والقصص

مقالات ذات صلة

بمختلف أنواعها مما أثار بداخل عقله الخيال الواسع والفكر المتعدد وأدى لتنمية عقله بطرية سريعة وصحيحة، فالقراءةَ هي السبيلُ الأمثل لتفتيحُ عقلٌ نائم أو تطويره كعقل الأطفال، فما بالك بطفلٍ كان يُقرأ له أعمال “كرازمين، بوشكين، شيلر، والترسكوت”

التعليم في حياة دوستويفسكي والمدارس التي درس فيها.

أولَ ما درس درس في مدرسةٍ داخلية تدعى “chermak boarding school” بعد إثنى عشر عاماً من موعدِ مولده أي فس عام(1833) ولكنه لم يستطع التأقلم مع زملائه بسبب كونهم استقراطيين، فتدينه الذي أخذه من أبويه كان عائقاً بينه وبينهم ولصغر سنه لم يكن يستطع أن يفصل بين ذَلك وبين زملائه

ولكنه أكمل فيها دراسته لمدة خمس سنوات أخرى لينتقل في عام (1838) إلى معهد نيكولاف للهندسة العسكرية وهو في طريقه للثامنةِ عشرَ من عمره ولكنه بَغِضَ المكان هناك بشدة وشعر بعدم التكافؤ وظهور  الأستهتذاء الطبقي من بنو أصحاب النفوذ والسلطان، وبالرغم من ذلك ر في الدراسة وعزم على التخرج بالدرجاتِ العليا حتى استطاع أن يحصل على مرتبةِ الامتياز، كان فيودور طيباً لينَ القلب عطوفاً على الفقراء

مقطع من الرواية

كانت آديلائيدا إيفانوفنا المرأة الوحيدة التي لم تستثر هواء ولاأضرمت عواطفه . ولم تلبث آديلائيدا إيفانوفنا أن أدركت، بعد الاختطاف رأسا، أنها بسعر نحو زوجها إلا بالاحتقار. ولم تلبث عواقب مثل هذا لا الزواج بعد مدة قصيرة للغاية أن ظهرت. فرغم أن أسرة المرأة قد سارعت تذعن للأمر ولم ترفض أن تمهر الرجل بائنة الهاربة

فإن حياة الزوجين أصبحت مضطربة عاصفة تتخللها المشاكل ولا تنقطع فيها المناقشات. وقد قيل إن الزوجة الشابة عرفت كيف تبرهن في هذا الظرف على نبل ورفعة لم يبرهن على مثلهما فيدور بافلوفتش الذي استطاع، كما نعرف اليوم، أن يدبر أموره منذ البداية بحيث يأخذ منها ثروتها دفعة واحدة، وهي ثروة تبلغ خمسة وعشرين ألف روبل

فما كادت تقبف هذه الآلاف حتى فقدتها إلى الأبد. إما القرية وإما المنزل الرخي الذي كانت تملكه في المدينة، وهما جزء من البائنة، فقد ظل الرجل زمنا طويلا يحاول بجميع الوسائل أن ينقلهما إلى ملكيته بسند قانوني، وكان يمكن أن يظفر بذلك لأن ما كانت تشعر به المرأة نحو زوجها من احتقار واشمئزاز ونفور من توسلاته الوقحة التي لا حياء فيها، ومطالباته المستمرة التي لا تنقطع، كان قد حفها على أن تتنازل له عن القرية والمنزل سأما وضجرا ورغبة في التخلص منه

لولا أن أسرة آديلائيدا يفانوفنا قد تدخلت في الأمر في الوقت المناسب فوضعت حدا لمكائد هذا الرجل الجشع. وقد عرف من مصدر موثوق أن معارك حقيقية قد نشبت بين الزوجين، وادعى بعضهم أن الغالب المنتصر في تلك

المعارك لم يكن فيدور بافلوفتش بل آديلائيدا إيفانوفنا، المرأة السمراء ذات الطيع الحاد والإرادة الجريئة والمزاج النزق والجسم القوي قوة مدهشة. وقد انتهى الأمر بالزوجة إلى هجر المنزل والفرار من عند فيدور بافلوفتش مع طالب كان يعمل مربيا ويعيش في فقر مدقع وبؤس مهلك، تاركة لزوجها أمر الاهتمام بالصغير ميثيا الذي كان يومئذ في السنة الثالثة من عمره. وسرعان ما استغل فيدور بافلوفتش هذه الفرصة فأسكن في منزله نساء من كل نوع، وأخذ يتعاطى الشراب بغير رادع ولا قصد. وفي أثناء ذلك أخذ يطوف في أرجاء الإقليم متباكيا شاكيا من أن آديلائيدا إيفانوفنا قد هجرته، حاكيا شقاءه لجميع الناس. وكان وهو يفعل ذلك لا يتورع أن يقص عن حياته الزوجية تفاصيل لا بد أن يحمر الزوج خجلا من فصها. وأغرب ما في الأمر أنه كان يجد نوعا من اللذة في أن يمتل أمام الملا هذا الدور المضحك، دور الزوج الذي خانته زوجته؛ وكأنما كان يسره أن يكون وضعه هذا الوضع، فهو يصف النازلة التي ألمت به مضيفا إليها مزينا لها، حتى لقد كان بعضهم يقول له في معرض السخر منه والتهكم عليه: الكأنك يا فيدور بافلوفتش قد نلت ترقية،

شاهد:رواية نجوم الظهيرة بقلم علي نمر

فأنت تبدو مسرورا كل السرور رغم ألمك الشديد». وزعم الكثيرون أن فيدور بافلوفتش يسره أن تتيح

له هذه المناسبة فرصة العودة إلى تمثيل دور المهرج، وأنه يتظاهر عامدا بأنه لا يلاحظ ما في وضعه من أمور تبعث على الضحك، وذلك من أجل أن يزيد ما يتصف به هذا الوضيع من طابع هزلي مضحك. ومن يدري مع ذلك؟. انتهى الرجل إلى جانبا من السذاجة كان له شيء من نير اكتشاف أثر امرأته الهاربة. لقد كانت المسكينة في بطرسبرج

ذهبت إليها مع صاحبها الطالب، وتحررت فيها تحررا لا يخطر ببالها أن تتراجع عنه. اضطرب فيدور بافلوفتش لهذا النبأ اضطرابا شديدا، وقرر على الفور أن يسافر إلى بطرسبرج دون أن يعرف طبعا هو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه بهذا السفر. وكان يمكن فعلا أن يسافر إلى بطرسبرج لولا أنه حين اتخذ هذا القرار قد شعر بأن من حقه الأكيد أن يسكر سكرا قويا بغية أن يتشجع على القيام بهذه الرحلة. وفيما كان يسكر هذا السكر. لقد توفيت المرأة فجأة في غرفة حقيرة تحت السطح من أحد المنازل

فبعضهم يقول إنها ماتت بمرض التيفوس وبعضهم يقول إنها ماتت من الجوع. فلما تناهى خبر وفاتها إلى مسامع فيدور بافلوفتش كان في حالة سكر شديد، فاخذ يركض في الشوارع رافعا ذراعيه إلى السماء صائحا بأعلى صوته: «الآن حررت عبدك يا رب!» ذلك ما رواه بعضهم، ولكن في رواية أخرى أنه حين علم بالنبأ أخذ ينتحب انتحاب طفل صغير، فإذا رآه الرائي أخذته به شفقة رغم ما يوقظه في النفس من اشمثزاز.

وقد تكون الروايتان كلتاهما صحيحتين على كل حال، فلعل الرجل قد اغتبط بما ظفر به من حرية، ولكنه في الوقت نفسه بكى صادقا على تلك التي وهبت له هذه الحرية. إن في البشر – وحتى في أعتى المجرمين – من السذاجة والطيبة فوق ما قد نتخيل. وهذا يصدق علينا نحن أيضا. كيف تخلص من ابنه الأول. ليس من الصعب طبعا أن نتخيل كيف يقوم مثل هذا الرجل بواجباته أبا ومربيا

لقد تصرف، من حيث هو أب، التصرف المتوقع منه: أي أنه لم يعبأ قط بالطفل الذي ولد له من آديلائيد إيفانوفنا، وجهله جهلا تاما. لا لأنه يضمر للصغير كرها ويحمل له حقدا من حيث إنه زوج خانته امرأته، بل لسبب بسيط جدا هو انه قد نسيه نسيانا تاما. وبينما كان الأب يزعج بشكاواه وبكاثه، مع اتخاذه منزله مكانا للفسق في الوقت نفسه، فإن خادما وفيا أمينا اسمه جريجوري قد حنا على الصغير ميتيا!7″ الذي كان عمره عندثذ ثلاث سنين، وضمه إليه وعنى به، فلولا أن هذا الخادم قد تولى أمر الصبي لما وجد حتى من يغير له ملابسه.

زد على ذلك أن أسرة أم ميتيا قد بدا أنها نسيت الصبي هي أيضا في الآونة الأولى. كان جد الصبي، وهو الشيخ ميوسوف، أبو آديلائيد إيفانوفنا، قد بارح هذا العالم إلى العالم الآخر، وكانت أرمته، جدة الصبي، التي انتقلت إلى موسكو، تعاني من وطأة المرض. أما أخوات آديلاثيد إيفانوفنا فكن قد تزوجن. وهكذا لبث الصبي ميثيا سنة كاملة مقيما مع الخادم جريجوري في كوخ يسكنه الخدم. وأغلب الظن أن الأب لو تذكر ابنه في مناسبة من المناسبات (وهو لا يمكن أن يجهل وجوده على كل حال) لأسرع يطرده إلى ذلك الكوخ، حتى لا يكون الصبي عقبة في طريق فجوره. ولكن حدث أن أحد أبناء عمومة المتوفاة آديلاثيدا إيفانوفنا، واسمه ببيت ألكسندروفتش ميوسوف

قد رجع في ذلك الأوان من باريس. إن بيتر هذا، الذي سيعيش في المستقبل سنين طويلة خارج روسيا، كان عندئذ شابا في شرخ الشباب، وكان رجلا من نوع خاص يختلف كل الاختلاف عن أفراد اسرة ميوسوف: لقد كان مثقفا نشا وترعرع وتربى في العاصمة وفي الخارج فكان أوروبيا إلى أن أصبح في أواخر حياته ليبراليا على طراز 1840 – 1850، كان على صلة باكثر المفكرين ليبرالية واشدهم تطرفا في زمانه، سواء في روسيا أم في الخارج، حتى لقد عرف برودون وباكونين” ” معرفة شخصية. فلما

بلغ خاتمة المطاف من تجواله وترحاله كان يحلو له كثيرا أن يستحضر ذكرى مشاعره أثناء الأيام الثلاثة من ثورة شباط (فبراير)

1848( التي قامت في باريس، وأن يفهم سامعيه في هذه المناسبة أنه أوشك أن يشارك في تلك الثورة، حتى لقد وجد نفسه فوق المتاريس. وكانت هذه الذكرى من أحلى ذكريات شبابه. كان هذا الرجل يملك ثروة مستقلة يمكن أن تقدر في ذلك العصر بألف نفس . وكانت أراضيه الممتازة تقع على مقربة من مدينتنا الصغيرة وتتاخم أراضي ديرنا الشهير الذي أقام عليه ميوسوف منذ صدر شبابه، أي بعد أن آلت إليه هذه الأراضي فورا، قضية طال أمدها فما تنتهي والقضية تتعلق بحقوق الصيد في النهر أو حقوق قطع الأشجار في الغابات

أو غير ذلك مما لم أعد أذكره، وهي قضية تافهة في ذاتها ، ولكن صاحبنا قدر أن من واجبه كمواطن صالح وإنسان متنور أن يقاضي هؤلاء «الإكليركيينا. فلما علم بمصير آديلائيدا إيفانوفنا التي لا شك أنه كان يتذكرها حتى لقد لاحظها في الماضي، ولما علم بوجود الطفل الصغير قرر أن يتدخل في الأمر رغم ما كان يحمله لفيدور بافلوفتش من احتقار

ورغم ما ان يحسه إزاء سلوكه من شعور الاستياء والاستنكار، وهو شعور طبيعي في شاب. ففي هذه الظروف إنما التقى لأول مرة بفيدور بافلوفتش فابلغه صراحة بغير لف ولا دوران أن في نيته أن ياعذ على عاتقه تربية الصبي. وقد روى فيما بعد، خلال سنين طويلة، كأنما ليبرز أخلاق فيدور بافلوفتش، أن فيدور بافلوفتش هذا، حين سمع كلامه، بدا عليه في أول الأمر

أنه لا يفهم أي صبي يعني، وظهر عليه الاندهاش من أن يكون له ابن صغير يسكن في مكان ما من المنزل. وهبنا سلمنا بان فيما رواه بيثر الكسندروفتش شيئا من مبالغة، فمما لا شك فيه أن فيدور بافلوفتش كان طوال حياته يحب أن يمثل وأن يظهر على حين فجاة في دور لس متوقعا، دون أن يكون هناك داع إلى ذلك، ودون أن يجني من ذلك نفعا، بل ربما لحقه منه ضرر في كثير من الأحيان كما حدث مثلا في هذه الحال. وتلك صفة نقع عليها لدى كثير من الناس قد يكونون على جانب عظيم من الذكاء خلافا لفيدور بافلوفتش. وصرف الكسندروفتش الأمور بهمة وحزم وحماسة

فعين آخر الأمر وصيا على الطفل (بالاشتراك مع فيدور بافلوفتش)، لأن هناك بقية من ميراث خلفته الأم هو منزل وأرضى صغيرة. هكذا مفى ميثيا يعيش في منزل ابن عم أمه، الذي لم يكن له أسرة فأسرع يعود إلى باريس فيقيم فيها إقامة طويلة بعد أن رتب أموره وتقاضى ريع أراضيه، وعهد بالصبي إلى إحدى بنات أعمامه وهي سيدة من موسكو.

وانتهى به الأمر، أثناء حياته الباريسية الطويلة، إلى أن ينى الصبي هو أيضا، ولا سيما بعد ثورة شباط (فبراير) تلك الشهيرة التي أثرت في خياله تاثيرا كبيرا حتى اصبح فكره مشدودا إليها حتى نهاية حياته.

وماتت السيدة الموسكوفية، فانتقل الصبي إلى منزل إحدى بناتها المتزوجات. ويظهر أنه غير عشه بعد ذلك مرة رابعة، ولكنني لا أريد أن أفيض في ذكر هذه التفاصيل الآن، لا سيما وأنني ساتحدث كثيرا عن هذا الابن الأول من أبناء فيدور بافلوفتش، وحسبي أن أسوق بعض الإشارات التي لا غنى عنها، والتي بدونها يستحيل علي أن أشرع في قملى هذه الرواية.

فاولا: كان دمتري فيدوروفتش هذا الابن الوحيد من أبناء فيدور بافلوفتش الثلاثة الذي شب على الاعتقاد بأنه يملك ثروة لا بأس بها ستؤول إليه حينما يبلغ سن الرشد فتكفل له الاستقلال. وقد قضى مراهقته والسنين الأولى من شبابه يعيش حياة مضطربة. لم يتم سني دراسته في المدرسة الثانوية، ثم دخل مدرسة عسكرية، وأرسل بعد ذلك إلى القفقاس، ونال هنالك ترقية. ولكنه تورط في مبارزة، فجرد من رتبته، ثم استرد شاراته، ثم راح يلهو ويقصف، فبدد مبالغ لا بأس بها…

ومع ذلك فإنه لم يبدأ بتلقي أموال من أبيه فيدور بافلوفتش إلا حين بلغ سن الرشد، أما قبل ذلك فقد كان يعيش على ديون يتراكم بعضها فوق بعض. ولم ير أباه لأول مرة منذ تركه في طفولته، ولم يعرفه إن مح التعبير، إلا بعد بلوغه سن الرشد بقليل، وذلك حين جاء إلى مدينتنا يناقش أباه في أمر ميراثه. ويظهر أنه نفر من أبيه حينذاك

فلم يمكث عنده إلا زمنا قصيرا، ثم قفل راجعا بعد أن حصل منه على مبلغ من المال، وأبرم مع أبيه اتفاقا غامضا على أن يرسل إليه أبوه ريع أرضه تباعا، دون أن يستطيع حمل أبيه على أن يعين له قيمة الأرض وإيرادها (هذه نقطة يجب أن تظل ماثلة في أذهاننا). وقد أدرك فيدور بافلوفتش في تلك اللحظة، ومنذ سمع الكلمات الأولى التي قالها ابنه (وهذه أيضا نقطة يجب أن نسجلها) أن الفكرة القائمة في ذهن ميتيا عن ثروته فكرة مغالية وخاطئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!