اسلاميات

ما حكم سب الدين ؟

حكم سب الدين. الدين الاسلامي دائما ما يحث الناس على الاقتداء بالصالحين وهذا في قوله تعالى :

“لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”

، وكذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم

” مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ”

وأمرنا الله سبحانه وتعالى، ورسوله بهذا من اجل ان يكون المسلم عفيف اللسان متبعا لأمر الله ورسوله كي لا يقع في المعصية، ولكن في هذه السنوات الاخيره يستهين بعض الناس بسب الدين لدرجة اصبح هذا الفعل دارجا بينهم بزعم أنه غير مقصود ويجرى على لسانهم دون شعور عند الغضب.

حكم سب الدين:

حكم سب الدين :سؤلا فضيلة الإمام عبد العزيز بن باز عن حكم الرجل المسلم الذي يسب الدين فأجاب بالاتي:

سب الدين من أعظم الكبائر ومن نواقض الإسلام نسأل الله العافية والسلامة.

فمن سب الدين أو سب الاسلام او سب نبي الإسلام أو سب رسولا من الرسل: ارتد عن الإسلام نعوذ بالله من هذا.

فإذا لعن الرسول، او لعن الاسلام يكون صاحبه مرتد عن الاسلام يستتاب فان تاب والا قتل.

وذهب بعض اهل العلم الا انه: لا يستتاب بل يقتل مطلقا كمن سب الله وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالمقصود: أن السب لله ولرسوله ولدينه رده عن الاسلام و لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من بدل دينه فاقتلوه.”

فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبه والرجوع الى الله والاستكثار من العمل الصالح لعل الله يتوب عليه بالتوبة لها شان عظيم فاذا فعلها العبد الصادق، نادما، مقلعا، تاركا لما فعله من الذنب، واستقام على ذلك فالله يقبلها منه سبحانه وتعالى.

وأضاف الإمام: أن سب الدين يقع من كثير من السفهاء فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن يصونوا ألسنتهم عما يتعلق بسب الدين او سب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو سب الجنه او غير هذا مما شرعه الله سبحانه وتعالى.

وهكذا الاستهزاء: لا يجوز الاستهزاء لا بشرع الله ولا بالجنة، ولا بالنار، ولا بالله، ولا برسوله، ولا شيء مما شرع الله، ولا بغير هذا مما شرع سبحانه وتعالى وهذا لقول الله سبحانه وتعالى :

“وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ “65” لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة:66،65

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)).

هذا والله اعلى واعلم،

 حكم سب الدين رأى دار الافتاء المصرية:

اتفق الفقهاء على أن من سب دين المسلمين فإنه يكون كافرا، أما من شتم دين مسلم فإنه لا يجوز المسارعة الى تكفيره، لأنه ان أقدم على أمر محرم شرعا إلا أنه لما كان محتملا للدين بمعنى تدين الشخص وطريقته فإن هذا الاحتمال يرفع عنه وصف الكفر الا أنه مع ذلك لا ينفي عنه الإثم شرعا، لانه أقدم على سب مسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

” سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه،

” لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِئ”

كما انه تجرا بذلك على لفظ سيء قبيح دائر بين الكفر والإثم فإن سلم من الكفر لم يسلم من المعصية.

  حكم سب الدين الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين:

سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين: عن حكم سب الدين فقال: من سب دين الإسلام فهو كافر سواء كان مازحا أو جادا.

حتى وإن كان يزعم أنه مؤمن فليس بمؤمن وكيف يؤمن بالله عز وجل، وبكتابه، وبدينه، وبرسوله، وهو يسب الدين كيف يكون مؤمنا، وهو يسب دينا قال الله فيه”ورضيت لكم الإسلام دينا” وقال الله تعالى: “ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه” وقال الله فيه:” إن الدين عند الله الإسلام”

كيف يكون مؤمنا من سب هذا الدين ولو كان مازحا إذا كان قصد الكلام فإن من سب دين الاسلام مازحا او جادا فانه كافر كفرا مخرجا من الملة عليه ان يتوب الى الله عز وجل.

وسب الدين مازحا اشد من سبه جادا واعظم ذلك لأن من سب شيئا جادا وكان هذا السب واقعا على هذا الشيء فإنه قد لا يكون عند الناس مثل الذي سبه مازحا مستهزئا وإن كان فيه هذا الشيء والدين الاسلامي والحمد لله دين كامل كما قال الله عز وجل”اليوم أكملت لكم دينكم” وهو أعظم منّه منّها الله  على عباده.

كما قال سبحانه وتعالى”واتممت عليكم نعمتي” فإذا سبه أحد ولو مازحا فإنه يكفر فعليه ان يتوب الى الله ويقلع عما صنع، وأن يعظم دين الله عز وجل في قلبه.

 اما اذا كان شيء سبق على لسانه: بأن كان يريد أن يمدح الدين فقال كلمة سب بدون قصد بل سبقا  على اللسان فهذا لا يكفر.

لأنه ما قصد السب بخلاف الذي يقصده وهو يمزح فان هذا قصدا وقع في قلبه فصار له حكم الجاد، أما هذا الذي ما قصد ولكن سبق على اللسان فإنه لا يضر، ولهذا ثبت في الصحيح في قصة الرجل الذي كان في فلاة فأضاع راحلته وعليها طعامه، وشرابه فلم يجدها، ثم نام تحت شجرة ينتظر الموت، فإذا بناقته على راسه، فأخذ بزمامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح.

فلم يؤاخذ لأن هذا القول صدر منه من غير مقصود له، بل سبق على لسانه فمثل هذا لا يضر الانسان، لانه ما قصده فيجب أن نعرف الفرق بين القصد وعدمه، وحينئذ اذا عرفنا هذا، وايضا يجب ان تعرف بين قصد الكلام وعدم قصد الكلام، ليس بين قصد السب وعدم قصده.

هنا ثلاث مراحل :

  • المرحلة الاولى: ان يقصد الكلام والسب وهذا فعل الجاد كما يصنع أعداء الاسلام بسب الإسلام.
  • المرحله الثانيه:

أن يقصد الكلام دون السب بمعنى يقصد ما يدل على السب لكنه مازحا غير جاد فهذا حكمه كالأول يكون كافرا لأنه استهزاء وسخرية.

  • المرحله الثالثه:

ألا يقصد الكلام ولا السب وإنما يسبق لسانه ويتكلم بما يدل على السب دون قصد اطلاقا، لا قصد الكلام ولا قصد السب فهذا هو الذي لا يؤاخذ به.

وعليه يتنزل قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم”فإنه هو قول الرجل في عرض حديثه لا والله، وبلى والله يعني ما قصد فهذا لا يضره يعني لا يعتبر له حكم اليمين المنعقدة فكل شيء يجري على لسان الانسان بدون قصد فإنه لا يعتبر له حكم.

وقد يقال: إن الإنسان قد قال في حديثه لا والله، وبلى والله انه قصد اللفظ لكن ما قصد عقد اليمين، فاذا كان هذا فإنه يفرق بين حكم اليمين، وبين الكفر، فالكفر ولو كان قاصدا للسب يكفر ما دام قصد الكلام.

والله اعلى واعلم .

حكم سب الدين شيخ الإسلام ابن تيمية

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :إن سب الله ورسوله كفر ظاهرا وباطنا سواء كان الساب يعتقد ذلك محرم او كان ذاهلا عن اعتقاده.

ولا ريب أن سب الله سبحانه وتعالى يعد اقبح وابشع انواع المكفرات القولية، وإذا كان الاستهزاء بالله كفر سواء استحله أو لم يستحله فان السب كفر من باب أولى.

وقال ابن قدامة :من سب الله تعالى كفر سواء كان مازحا أو جادا.

وقال القاضي عياض: لا خلاف أن من سب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم،

وقد تقدم من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ما يجب بين الحقوق لنبي الله صلى الله عليه وسلم وما يتعين له من بر وتوقير، وتعظيم، وإكرام، وبحسب هذا حرم الله تعالى أذاه في كتابه وأجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين والذي يسبه قال الله تعالى:

“ان الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا” سورة الأحزاب

وقال تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة التوبة الآية 61. وقال الله تعالى (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا” سورة الأحزاب الآية 53

هل تقبل توبة من سب دين الله عز وجل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قال فضيلة الإمام محمد بن عثيمين:

اختلف في ذلك على قولين:

القول الأول :

بقوله لا تقبل توبة، من سب الله وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المشهور عند الحنابلة. بل يقتل كافرا ولا يصلى عليه ولا يدعى له بالرحمة ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين.

القول الثاني: إنما تقبل توبة من سب الله وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا علمنا صدق توبته إلى الله واقر على نفسه بالخطأ، وعظم الله سبحانه وتعالى، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة كقوله تعالى:

” قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا”

أما ساب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يتعلق به أمران الأمر الأول:

أمر شرعي لكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يقبل إذا تاب.

الأمر الثاني:

امر شخصي وهذا لا تقبل التوبه فيه لكونه فعلا حق ادمي  لم يعلم عفوه عنه، وعلى هذا فيقتل ولكن إذا قتل غسلناه، وكفناه، وصلينا عليه ودفناه مع المسلمين. وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيميه وقد ألف كتابا اسمه الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول وذلك لانه استهان بحق الرسول صلى الله عليه وسلم وكذا لو قذف الرسول صلى الله عليه وسلم فانه يقتل ولا يجلد هذا والله اعلى واعلم.

حكم من سب الدين في حالة غضب هل عليه كفارة وما شرط التوبة من هذا العمل وهل ينفسخ نكاح زوجته؟

اولا:الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر به.

شروط التوبة من سب الدين :

1_ الاخلاص لله بتوبته بان لا تكون توبته رياء، وسمعه او خوف من مخلوق.

2_ ان يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة، وحزنا على ما مضى ويراه امرا كبيرا يجب عليه التخلص منه.

3_ ان يقلع عن الذنب وعن الاصرار عليه .

4- العزم أن لا يعود في المستقبل للذنب وان يكون في قلبه عزم مؤكد ان لا يعود الى هذه المعصية

5_ أن تكون التوبة في وقت التوبة فإن كان فات وقت التوبة فلا تقبل توبته.

أما عن فسخ نكاح الزوجة: فاذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ولا يعلم ماذا خرج منه فإنه لا حكم لكلامه ولا يحكم بردته. حينئذ اذا لا يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه بل هي باقية في عصمته .محمد ابن عثيمين هذا والله اعلى واعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!